يعيش العراق حالة اضطراب أمني منذ احتلاله عام 2003 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ويظهر هذا الاضطراب بين فترة وأخرى بأشكال مختلفة، فتارة تسيطر المليشيات الطائفية على المشهد، وأخرى تصبح فيها العصابات المنظمة صاحبة الصوت الأعلى، وفي عام 2014 سيطرت مجاميع مسلحة تتبع “تنظيم الدولة” (داعش) لايتجاوز عديدها الألف مقاتل على ثلث مساحة العراق، وأدخلت البلد في حرب استنزاف استدعت تدخلاً دولياً لتتمكن الدولة من اعادة السيطرة على ما فقدته بنهاية عام 2017.
ولايزال الاضطراب سيد الموقف، خصوصاً بعد تصاعد التوتر الإقليمي بين أمريكا وإيران، في أعقاب اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وقائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مطلع العام الماضي، ومطالبة القوى الشيعية بخروج القوات الأمريكية التي تقود التحالف الدولي ضد “داعش” من العراق ثأراً وانتقاماً لمقتلهما.
واشنطن تسحب نصف قواتها
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أعلن أمس الثلاثاء، خلال كلمة بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الجيش العراقي أن الولايات المتحدة الأمريكية ستسحب أكثر من نصف قواتها الموجودة في العراق ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم “داعش” قريباً.
وأشار إلى أن القوات الأميركية لن يتبقى منها إلا المئات، من أجل القيام بمهمات متعلقة بالتدريب والتأهيل والتسليح والدعم الفني، مبيناً أن جدولة إعادة انتشار الأميركيين خارج العراق ستجري وفقا لاتفاقات بين البلدين.
وأكد الكاظمي أن واشنطن سحبت فعلاً دفعات من القوات الأميركية من العراق، خلال الأشهر الماضية، معتبراً أن هذه التطورات جرت في ضوء جهوزية القوات العراقية.
وأضاف: أن العراق لن يكون ملعباً للصراعات الإقليمية أو الدولية بعد اليوم، ولن يسمح باستخدام أراضيه لتصفية الحسابات بين الدول، “فقرار العراق لن يكون بيد المغامرين” حسب تعبير.
وتابع رئيس الوزراء العراقي: “اكتفينا بتاريخ من المجانين الذين قادونا إلى الحروب العبثية والدم وكسر هيبة الدولة”.
الخبير الأمني العراقي عادل الزيباري، اعتبر تصريحات الكاظمي إعلامية تسعى لتهدئة خواطر حلفاء إيران في المنطقة، بعد أن كُبلت أيديهم ولم يتمكنوا من القيام برد يتناسب مع عملية اغتيال أهم قائدين في العراق وإيران.
وقال الزيباري لـ”المجتمع”: إن قدرة الجيش العراقي، ومعه الأجهزة الأمنية مجتمعة، لاتكفي لمواجهة حجم الاضطراب الأمني الذي يعيشه العراق منذ 17 عاماً.
وتابع: الدليل على ما أقول أن كافة أجهزة الدولة، ومعها الحشد الشعبي الذي أخذ قراراً بضبط النفس بتوجيه من إيران، في الذكرى الأولى لاغتيال سليماني والمهندس، لم تتمكن من منع هجمات على السفارة الأمريكية في بغداد، ولو قدر لهذه الهجمات أن توقع خسائر في الطرف الأمريكي لتسببت بحرب مدمرة هدد بها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب.
وأشار الزيباري إلى أنه وعلى الرغم من العمليات التي تنفذها القوات العراقية ضد خلايا “داعش” النائمة وبقايا مقاتليه في مناطق العراق المتفرقة، إلا أنه لايزال ينفذ هجمات نوعية تستهدف قوات الأمن وتتسبب بسقوط قتلى وجرحى، مستدركاً أن الحرب على مقاتلين يختبئون في مناطق صحراوية وجبلية وعرة صعبة للغاية، وتتطلب استعانة بالتحالف الدولي من ناحيتين العراق ضعيف فيهما؛ القوة الجوية والقدرة الاستخبارية.
استراتيجية أمنية لــ5 سنوات
إعلان الكاظمي عن انسحاب القوات الأمريكية، جاء متناقضاً مع كشف رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبد الوهاب الساعدي، عن إعداد استراتيجية أمنية تمتد إلى 5 سنوات تهدف إلى ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد، وسيكون لقوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا دوراً محورياً في هذه الخطة.
وقال الساعدي، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء العراقية (واع): إن “مختلف القوات العراقية قد تشترك في الخطة، إلى جانب قوات التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” الإرهابي”.
وأضاف: أن “الاستراتيجية الجديدة ستتعامل مع الإرهاب من خلال تقسيمه إلى 4 موجات، الموجة الأولى الخفيفة تكون من مسؤولية جهاز مكافحة الإرهاب، والثانية المتوسطة يشترك فيها الجهاز مع الاستخبارات والمخابرات، أما الموجة الثالثة الكبيرة والتي قد تشهد دخول إرهابيين إلى المدن فتتطلب تدخل وزارة الدفاع إلى جانب جهاز مكافحة الإرهاب”.
واستدرك الساعدي: “إذا كانت الموجة كما حصل في العام 2014 اجتياح تنظيم داعش للموصل ومدن عراقية اخرى، وتسمى بالعاتية، فإنها تتطلب تدخل التحالف الدولي”.
وتابع: أن “الاستراتيجية الجديدة ستعتمد على الخبرات والتجارب التي اكتسبتها القوات العراقية طيلة السنوات الماضية”، مشيرا إلى أنها “تركزت على قضيتين، الأولى منع العمليات الإرهابية وتتمثل بالعمليات العسكرية، والثانية تكون من خلال حماية المجتمع من الإرهاب والفكر المتطرف”.
وأشار رئيس جهاز مكافحة الإرهاب العراقي إلى أن “جهاز مكافحة الإرهاب ينتشر في جميع مناطق العراق، ولديه تنسيق مع الأجهزة الأمنية كافة، ومن ضمنها إقليم كردستان العراق، والجهد الأكبر للجهاز يتركز في مناطق جنوب بغداد وشمالها صعوداً إلى المناطق الغربية”.
وبين: أن “جهاز مكافحة الإرهاب لديه قاعدة بيانات متكاملة عن قيادات تنظيم “داعش” داخل العراق وخارجه بالتنسيق مع جهاز المخابرات في عملية تبادل المعلومات”، موضحا أن “عملية القضاء على بقايا “داعش” أصبحت سهلة، وأن تأثير العصابات الإرهابية محدود جداً، لا سيما أنها توجد في بعض المناطق خارج المدن”.
تقرير ارسلته الى مجلة المجتمع الكويتية حين كنت اعمل معها محررا ومراسلا عن بعد، لكن المجلة نشرت التقرير باسم شخص ولم توضح لي السبب بعد الاستفسار من هيئة التحرير، يمكن الاطلاع على التقرير بالضغط هنا 👉

