الحوار الأمريكي العراقي.. بين تحديات الواقع ومخاطر المستقبل

شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق، توتراً كبيراً خلال الأشهر الماضية، بسبب تصاعد المواجهة بين واشنطن وطهران، ووصل التوتر ذروته بعد مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، في 3 كانون الثاني/ يناير الماضي، في قصف جوي أمريكي قرب مطار بغداد الدولي.

وعلى خلفية الاغتيال أصدر البرلمان العراقي في 5 كانون الثاني/ يناير، قراراً يطالب الحكومة بإنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد، وأعقب ذلك عمليات عسكرية خاطفة قامت بها فصائل مسلحة موالية لإيران، استهدفت المصالح الأمريكية في العراق، شملت السفارة الأمريكية في بغداد، وقواعد عراقية تتواجد فيها القوات الأمريكية، الأمر الذي دفع واشنطن لقصف مواقع للحشد الشعبي العراقي، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين.

دعوة للحوار

الصواريخ التي استهدفت شركة “هالبرتون” النفطية الأمريكية في محافظة البصرة جنوبي العراق، في 7 نيسان/ إبريل الجاري، وانتشار معلومات عن وجود تحرك عسكري لفصائل شيعية مسلحة، واحتمال استهداف القوات الأمريكية، دفع التحالف الدولي بقيادة واشنطن للعمل على إعادة الانتشار بما يضمن أمن قواته، ودفعها بحسب مراقبين لدعوة بغداد إلى حوار استراتيجي لمناقشة مسألة وجود قواتها في العراق.

الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء العراقي، أعلنت أن رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، تلقى دعوة من واشنطن لفتح حوار استراتيجي بين الحكومتين العراقية والأمريكية، وقالت في بيان، إن الدعوة نقلها السفير الأمريكي في بغداد ماثيو تولر، خلال لقائه عبدالمهدي.

ونقل البيان عن السفير الأمريكي، تأكيده لرئيس الوزراء العراقي: أن “مقترح واشنطن لتحديد الوفد المفاوض وموعد بدء المباحثات، وهو ما سبق للعراق أن اقترحه في رسائل ولقاءات متعددة”.

من جهته قال وزير الخارجية العراقي، محمد علي الحكيم، في تغريدة نشرها على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: إن “الخارجية العراقية تسلمت رسالة من الخارجية الأمريكية تقترح إجراء مفاوضات مبنية على المفاهيم المطروحة في الإطار الاستراتيجي، وإجراء مراجعة شاملة حول مستقبل العلاقات في المجالات الاقتصادية والثقافية والتبادل التجاري والأمني ثنائياً وإقليمياً”.

وأضاف الحكيم: “نرحب بهذه المبادرة وسوف نحدد موعداً مناسباً”.

يشار إلى أن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، سلم الحكومة العراقية خلال الأسابيع الماضية، قواعد عسكرية، هي القيارة جنوبي الموصل (شمال)، وكي وان في كركوك (شمال)، والحبانية والقائم في الأنبار (غرب)، كما سلم مواقعين جنوبي بغداد، ونينوى.

ويستمر انتشار القوات الأمريكية حالياً في 3 قواعد رئيسية، هي “عين الأسد” في محافظة الأنبار (غرب)، وقاعدة “بلد” الجوية بمحافظة صلاح الدين (شمال)، وقاعدة “التاجي” شمالي بغداد.

وخلال كلمة له في اجتماع مجلس الأمن الوطني العراقي، الأربعاء 8 نيسان/ إبريل الجاري، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في العراق، عادل عبد المهدي: “خلال الفترة الماضية جرى انسحاب واسع للقوات الأجنبية من قواعدها، واليوم لم يتبق سوى 3 قواعد عسكرية تتواجد فيها القوات الأجنبية”.

وأضاف: “الظروف الحالية تغيرت، ما يتطلب إعادة دراسية ملف تواجد القوات الأجنبية بما يخدم مصلحة العراق والعالم وواشنطن باعتبارها صديق وشريك للعراق في محاربة داعش”.

وكشف عبد المهدي خلال كلمته عن فحوى المذكرة التي تسلمتها حكومته من واشنطن بخصوص بدء حوار استراتيجي لبحث مستقبل التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.

وأوضح أن “المذكرة تتضمن اقتراحا لواشنطن بإجراء حوار استراتيجي مع حكومة العراق يومي 10 و11 من يونيو/ حزيران المقبل في بغداد، لغرض التوصل إلى تفاهم بشأن مستقبل التعاون الأمني والاقتصادي”.

ما الذي يريده الطرفان؟

المحلل السياسي العراقي سوران سيوكاني، يرى أن تحديد واشنطن لشهر حزيران/ يونيو المقبل، موعداً للحوار مع الجانب العراقي لم يأتي اعتباطاً، بل جاء بناء على قراءة عميقة للمشهد العراقي، ترجح لديها أن اختيار حكومة خلفاً لحكومة عبد المهدي واستقرارها سيكون بحلول هذا التاريخ.

وتابع سيوكاني في حديثه لـ”المجتمع”: أن “الإعلان المبكر عن الرغبة بالحوار مع الحكومة العراقية، هدفه تهيئة الأجواء لمثل هذا الحوار وسعياً لدفع الفصائل الشيعية الموالية لإيران، لتأجيل هجماتها المحتملة إلى مابعد هذا التاريخ”، مشيرا إلى أن “الإدارة الأمريكية تسعى لتهدئة الجبهات الخارجية، خصوصاً مع إيران وأذرعها لتتفرغ لمواجهة جائحة فايروس كورونا، التي باتت أمريكا في صدارة البلدان المتضررة منه”.

وأضاف: أن “واشنطن تريد أن تضمن بقاء قواتها في العراق بشكل شرعي لأطول فترة ممكنة، لذلك ستحرص على تقديم إغراءات اقتصادية للعراق الذي يعاني من أزمة قاسية بسبب تراجع أسعار النفط، وزيادة الانفاق الحكومي على خلفية المظاهرات الاحتجاجية ضد الفساد”.

ويرى سيوكاني: أن “مطلب الحكومة العراقية سيتركز خلال الحوار على مسألة انسحاب القوات الأمريكية، دون أن يكون لذلك عواقب اقتصادية وأمنية”.

وأشار إلى، أن “مسألة الأموال المودعة بالبنك الفيدرالي الأميركي، والذي تأسس بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 عام 2003، لحماية موارد البلاد وإدارتها بطريقة شفافة ومسؤولة لحساب الشعب العراقي، من أهم أوراق الضغط لدى واشنطن في علاقتها مع العراق، الذي يخشى من أن يؤدي سحب الدعم الأمريكي من مطالبة الدائنين بمسحقاتهم التي قد تستنزف هذه المدخرات”.

وبهذا الخصوص يقول الخبير الاقتصادي محمد العبيدي: إن “ديون العراق المتراكمة لدول وشركات ومصارف دولية تقدر بحوالي 28 مليار دولار، وهناك ديون مستحقة لدول الخليج العربي قدرها 41 مليار دولار، وتمكنت أمريكا من حماية أرصدة العراق بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية لعام 2004، وفي حال رفع واشنطن يدها من هذا الامر سيكون بمقدر الدائنين المطالبة بمستحقاتهم، وهو ما يعني إفلاس الدولة العراقية”.

واستدرك العبيدي، في حديثه لـ”المجتمع”: أن “المشكلة الثانية تتعلق باحتمال إيقاف واشنطن تزويد العراق بالدولار النقدي، وهذا من شأنه التأثير سلباً على ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي”.

وأكد الخبير الاقتصادي: أن “مطالبة الحكومة العراقية بانسحاب القوات الأمريكية، يوجب عليها دراسة الموقف وتداعياته الخطيرة على الاقتصاد في حال تم إجبار واشنطن على ذلك”.

هذا التقرير أنجزته وارسلته الى مجلة المجتمع الكويتية عام 2020 حيث كنت اعمل معهم، لكن للأسف نشر المقال ووضع عليه اسم شخص آخر، ولم اجد عند إدارة التحرير جوابا عن سبب نسبة تقريري لشخص ثاني.

للاطلاع على المقال في المجتمع اضغط هنا.. 👉

Scroll to Top